ثقافة بلا حدود
اهلا بك زائرنا الكريم في منتدي ثقافة بلا حدود
يسعدنا انضمامك الي اسرة منتدانا
تحياتي
ادارة المنتدي
ثقافة بلا حدود
اهلا بك زائرنا الكريم في منتدي ثقافة بلا حدود
يسعدنا انضمامك الي اسرة منتدانا
تحياتي
ادارة المنتدي
ثقافة بلا حدود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


بوابتك للمعرفة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الخليفة عمر بن عبد العزيز

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خديجة الروح
Admin
Admin
خديجة الروح


رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 1249
تاريخ التسجيل : 12/10/2011
الموقع : https://thakafabh.alafdal.net/
العمل/الترفيه : محامية

الخليفة عمر بن عبد العزيز Empty
مُساهمةموضوع: الخليفة عمر بن عبد العزيز   الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأحد يوليو 29, 2012 12:15 pm

هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد
شمس بن عبد مناف، الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد، السيد أمير
المؤمنين حقًا أبو حفص القرشي الأموي المدني ثم المصري، الخليفة الراشد
أشج بني أمية، كان من أئمة الاجتهاد ومن الخلفاء الراشدين، وكان حسن
الأخلاق والخَلْق، كامل العقل، حسن السّمت، جيد السياسة، حريصًا على العدل
بكل ممكن، وافر العلم، فقيه النفس، طاهر الذكاء والفهم، أوّاهًا مُنيبًا
قانتًا لله حنيفًا، زاهدًا مع الخلافة، ناطقًا بالحق مع قِلَّة المعين،
وكثرة الأمراء الظلمة الذين مَلُّوه وكرهوا محاققته لهم، ونقصه أعطياتهم،
وأخذه كثيرًا مما في أيديهم، مما أخذوه بغير حق، فما زالوا به حتى سَقَوْه
السم، فحصلت له الشهادة والسعادة، وعُدَّ عند أهل العلم من الخلفاء
الراشدين والعلماء العاملين، وكان -رحمه الله- فصيحًا مفوهًا.
والد عمر بن عبد العزيز:

هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم، وكان من خيار أمراء بني أمية، شجاعًا
كريمًا، بقي أميرًا لمصر أكثر من عشرين سنة، وكان من تمام ورعه وصلاحه أنه
لما أراد الزواج قال لقَيِّمِه: اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي؛ فإني
أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح. فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي حفيدة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقيل: اسمها ليلى، كما أن زواجه
من آل الخطاب ما كان ليتم لولا علمهم بحاله وحسن سيرته وخلقه، فقد كان حسن
السيرة في شبابه، فضلاً عن التزامه وحرصه عل تحصيل العلم واهتمامه بالحديث
النبوي الشريف، فقد جلس إلى أبي هريرة وغيره من الصحابة وسمع منهم، وقد
واصل اهتمامه بالحديث بعد ولايته مصر، فطلب من كثير بن مُرَّة في الشام أن
يبعث إليه ما يسمعه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما كان من طريق أبي هريرة فإنه عنده.

أم عمر بن عبد العزيز:

أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
ووالدها عاصم بن عمر بن الخطاب، كان من نبلاء الرجال خيرًا صالحًا بليغًا
شاعرًا فصيحًا، وهو جد الخليفة عمر بن عبد العزيز لأمه، مات سنة 70هـ.

أما جدته لأمه فقد كان لها موقف مشهور مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فيُروَى عن عبد الله بن الزبير بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم قال: بينما أنا وعمر بن الخطاب رضي الله عنه
وهو يعس بالمدينة إذ أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة
تقول لابنتها: يا بنتاه، قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء. فقالت لها: يا
أمتاه، أوَما علمت ما كان من أمير المؤمنين اليوم؟ قالت: وما كان من عزمته
يا بنية؟ قالت: إنه أمر مناديًا، فنادى أن لا يُشابَ اللبنُ بالماء. فقالت
لها: يا بنتاه، قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء؛ فإنك بموضع لا يراك عمر،
ولا منادي عمر. فقالت الصبية لأمها: يا أمتاه، واللهِ ما كنتُ لأطيعه في
الملأ، وأعصيه في الخلاء. وعمر يسمع كل ذلك، فقال: يا أسلم، عَلِّمِ الباب
واعرف الموضع، ثم مضى في عسِّه.

فلما أصبحا قال: يا أسلم، امضِ إلى
الموضع فانظر من القائلة، ومن المقول لها، وهل لهم من بعل؟ فأتيت الموضع
فنظرت فإذا الجارية أيِّم لا بعل لها، وإذا تيك أمها، وإذا ليس لها رجل،
فأتيت عمر فأخبرته، فدعا عمر ولده، فجمعهم فقال: هل فيكم من يحتاج إلى
امرأة أُزوِّجه؟ فقال عاصم: يا أبتاه، لا زوجة لي فزوجني. فبعث إلى
الجارية، فزوجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتًا ولدت البنتُ عمر بن عبد
العزيز.

ويُذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأي ذات ليلة رؤيا، فقال: ليت شعري من ذو الشين من ولدي الذي يملؤها عدلاً كما ملئت جورًا؟!
مولد عمر بن عبد العزيز:

اختلف المؤرخون في سنة مولده والراجح أنه ولد عام 61هـ، وهو قول أكثر المؤرخين بالمدينة.
لقب عمر بن عبد العزيز:

كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يُلقّبُ بالأشج، وكان يقال له: أشج بني
مروان، وذلك أن عمر بن عبد العزيز كان كان صغيرًا دخل إلى إصطبل أبيه عندما
كان واليًا على مصر ليرى الخيل، فضربه فرس في وجهه فشجه فجعل أبوه يمسح
الدم عنه ويقول: إن كنت أشج بني أمية إنك إذًا لسعيد. ولما رأى أخوه الأصبغ
الأثر قال: الله أكبر! هذا أشج بني مروان الذي يملك، وكان الفاروق عمر
يقول: إن من ولدي رجلاً بوجهه أثر يملأ الأرض عدلاً. وكان الفاروق قد رأى
رؤيا تشير إلى ذلك، وقد تكررت هذه الرؤيا لغير الفاروق حتى أصبح الأمر
مشهورًا عند الناس، بدليل ما قاله أبوه عندما رأى الدم في وجهه، وما قاله
أخوه عندما رأى الشج في وجهه، كلاهما تفاءل لعله أن يكون ذلك الأشج الذي
يملأ الأرض عدلاً.

زوجات عمر بن عبد العزيز

نشأ عمر
بالمدينة وتخلق بأخلاق أهلها وتأثر بعلمائها، وأكبَّ على أخذ العلم من
شيوخها، وكان يقعد مع مشايخ قريش ويتجنب شبابها، وما زال ذلك دأبه حتى
اشتهر، فلما مات أبوه أخذه عمه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان
فخلطه بولده، وقدَّمه على كثير منهم، وزَوَّجَه ابنته فاطمة بنت عبد
الملك، وهي امرأة صالحة تأثرت كثيرًا بعمر بن عبد العزيز، وآثَرَت ما عند
الله على متاع الدنيا، وهي التي قال فيها الشاعر:

بنت الخليفة والخليفة جدها *** أخت الخلائف والخليفة زوجها
ومن زوجاته -أيضًا- لميس بنت الحارث، وأم عثمان بنت شعيب بن زبان.
تكوين عمر بن عبد العزيز الشخصي

1- الواقع الأسري:

نشأ عمر بن عبد العزيز في المدينة، فلما شَبَّ وعقل -وهو غلام صغير- كان يأتي
عبد الله بن عمر بن الخطاب لمكان أمه منه، ثم يرجع إلى أمه فيقول: يا
أُمَّه، أنا أحب أن أكون مثل خالي. يريد عبد الله بن عمر،
فتؤفِّف به، ثم تقول له: اغْرُب، أنت تكون مثل خالك. وتكرر عليه ذلك غير
مرة، فلما كبر سار أبوه عبد العزيز بن مروان إلى مصر أميرًا عليها، ثم كتب
إلى زوجته أم عاصم أن تَقْدُم عليه بولدها، فأتت عمها عبد الله بن عمر
فأعلمته بكتاب زوجها عبد العزيز إليها، فقال لها: يا ابنة أخي، هو زوجك
فالحقي به. فلما أرادت الخروج قال لها: خلفي هذا الغلام عندنا -يريد عمر بن
عبد العزيز- فإنه أشبهكم بنا أهل البيت. فخلفته عنده ولم تخالفه.

فلما
قدمت على عبد العزيز، سألها عن عمر ابنه، فأخبرته الخبر، فسُرَّ بذلك عبد
العزيز، وكتب إلى أخيه عبد الملك يخبره بذلك، فكتب عبد الملك أن يُجرَى
عليه ألف دينار في كل شهر، ثم قدم عمر على أبيه مُسلِّمًا.

وهكذا تربى عمر -رحمه الله- بين أخواله بالمدينة من أسرة عمر بن عبد الخطاب رضي الله عنه، ولا شك أنه تأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة.
2- إقبال عمر بن عبد العزيز المبكر على طلب العلم وحفظه القرآن الكريم:

لقد
رزق عمر بن العزيز منذ صغره حب الإقبال على طلب العلم وحب المطالعة
والمذاكرة بين العلماء، كما كان يحرص على ملازمة مجالس العلم، في المدينة
وكانت يومئذٍ منارة العلم والصلاح زاخرة بالعلماء والفقهاء والصالحين،
وتاقت نفسه للعلم وهو صغير، وكان أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز
حرصه على العلم ورغبته في الأدب، وجمع عمر بن عبد العزيز القرآن وهو صغير،
وساعده على ذلك صفاء نفسه وقدرته الكبيرة على الحفظ وتفرغه الكامل لطلب
العلم والحفظ.

وقد تأثر كثيرًا بالقرآن الكريم في نظرته لله عز وجل والحياة والكون والجنة والنار، والقضاء والقدر، وحقيقة الموت، وكان يبكي
لذكر الموت بالرغم من حداثة سنه، فبلغ ذلك أمه فأرسلت إليه وقالت: ما
يبكيك؟ قال: ذكرت الموت. فبكت أمه حين بلغها ذلك. وقد عاش طيلة حياته مع
كتاب الله عز وجل متدبرًا، ومنفذًا لأوامره، ومن مواقفه مع القرآن الكريم: ما روي أن رجلاً قرأ عنده وهو أمير المدينة يومئذ {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13]. فبكى عمر حتى غلبه البكاء، وعلا نشيجه؛ فقام من مجلسه فدخل بيته وتفرَّق الناس.

3- الواقع الاجتماعي

إن البيئة الاجتماعية المحيطة لها دور فعال ومهم في صناعة الرجال وبناء
شخصيتهم، فعمر بن عبد العزيز عاش في زمن ساد فيه مجتمع التقوى والصلاح
والإقبال على طلب العلم، والعمل بالكتاب والسنة، فقد كان عدد من الصحابة ما
زالوا بالمدينة، فقد حدَّث عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والسائب بن
يزيد، وسهل بن سعد، واستوهب منه قدحًا شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم وأمّ آنس بن مالك، فقال: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى.

فكان
للإقامة بالمدينة آثار نفسية، ومعان إيمانية وتعلق روحي، وكان لذلك
المجتمع أثره في صياغة شخصية عمر بن عبد العزيز العلمية والتربوية.

4- تربية عمر بن عبد العزيز على أيدي كبار فقهاء المدينة وعلمائها

اختارعبد العزيز -والد عمر- صالح بن كيسان ليكون مربيًا لعمر بن عبد العزيز
فتولى صالح تأديبه، وكان يلزم عمر الصلوات المفروضة في المسجد، فحدث يومًا
أن تأخر عمر بن عبد العزيز عن الصلاة مع الجماعة، فقال صالح بن كيسان: ما
يشغلك؟ قال: كانت مُرَجِّلَتي -مُسَرِّحة شعري- تُسَكِّن شعري، فقال: بلغ
منك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة؟ فكتب إلى عبد العزيز يذكر ذلك،
فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حتى حَلَقَ رأسه، وكان عمر حريصًا على التشبه
برسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الحرص فكان يتم الركوع
والسجود، ويخفف القيام، والقعود، وفي رواية صحيحة أنه كان يسبح في الركوع
والسجود عشرًا عشرًا، ولما حج أبوه ومر بالمدينة سأل صالح بن كيسان عن ابنه
فقال: ما خَبرتُ أحدًا اللهُ أعظم في صدره من هذا الغلام.

ومن شيوخ
عمر بن عبد العزيز الذين تأثر بهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود،
فقد كان عمر يجلُّه كثيرًا، ونهل من علمه وتأدب بأدبه، وتردد عليه حتى وهو
أمير المدينة، ولقد عبر عمر عن إعجابه بشيخه وكثرة التردد إلى مجلسه،
فقال: لمجلس من الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحب إليَّ
من ألف دينار. وكان يقول في أيام خلافته لمعرفته بما عند شيخه من علم غزير:
لو كان عبيد الله حيًّا ما صدرت إلا عن رأيه، ولوددت أن لي بيوم واحد من
عُبيد الله كذا وكذا. وكان عبيد الله مفتي المدينة في زمانه، وأحد الفقهاء
السبعة، قال عنه الزهري: كان عبيد الله بن عبد الله بحرًا من بحور العلم،
كما كان يقرض الشعر، فقد كتب إلى عمر بن عبد العزيز هذه الأبيات:

باسم الله أنزلت من عنـده السـور *** والحمد لله أما بعد يا عــمرُ
إن كنت تعـلم ما تأتي وما تـذر *** فكن على حذر قد ينفع الحذرُ
واصبر على القدر المحتوم وارضَ به *** وإن أتـاك بما لا تشتهي القدرُ
فما صفا لامرئ عيش يُســرُّ به *** إلا سـيتبع يومًا صفوَه كـدرُ

وقد توفي هذا العالم الجليل سنة 98هـ، وقيل: 99هـ.
ومن شيوخ عمر: سعيد بن المسيب، وكان سعيد لا يأتي أحدًا من الأمراء غير عمر، ومن شيوخه أيضًا سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي قال فيه سعيد بن المسيب: كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان
سالم أشبه ولد عبد الله به، وقال عنه الإمام مالك: لم يكن أحد في زمان سالم
أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه.

وتربى وتعلم
عمر بن عبد العزيز على أيدي كثير من العلماء والفقهاء، وقد بلغ عدد شيوخ
عمر بن عبد العزيز ثلاثة وثلاثين، ثمانية منهم من الصحابة، وخمسة وعشرون من
التابعين؛ فقد نهل من علمهم، وتأدب بأدبهم، ولازم مجالسهم حتى ظهرت آثار
هذه التربية في أخلاقه وتصرفاته، فامتاز بصلابة الشخصية، والجدية والحزم في
معالجة الأمور، وإمعان الفكر وإدامة النظر في القرآن، والإرادة القوية
والترفع عن الهزل والمزاح.

هذه هي أهم العوامل التي أثرت في تكوين
شخصيته، ومن الدروس المستفادة، أن العلماء الربانيين يقع على عاتقهم
مسئولية كبيرة، وهي الاهتمام بأولاد الأمراء والحكام، وأهل الجاه والمال؛
ففي صلاحهم خير عظيم للأمة الإسلامية.

مكانة عمر بن عبد العزيز العلمية

اتفقت كلمة المترجمين له على أنه من أئمة زمانه، فقد أطلق عليه كل من الإماميين
مالك وسفيان بن عيينة وصف إمام. وقال عنه مجاهد: أتيناه نعلمه، فما برحنا
حتى تعلمنا منه. وقال ميمون بن مهران: كان عمر بن عبد العزيز معلم العلماء.

وقال
عنه الذهبي: كان إمامًا فقيهًا مجتهدًا عارفًا بالسنن، كبير الشأن حافظًا
قانتًا لله، أوَّاهًا منيبًا، يُعَدُّ في حُسن السيرة والقيام بالقسط مع
جده لأمه عمر، وفي الزهد مع الحسن البصري وفي العلم مع الزهري، وقد احتج العلماء والفقهاء بقوله وفعله.

وقال عنه الإمام احمد: إذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز، ويذكر محاسنه وينشرها؛ فاعلم أن من وراء ذلك خيرًا إن شاء الله.
وهكذا
نجد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قد نشأ محبًّا للعلم وللعلماء، متأسيًا
بهم وبأعمالهم، الأمر الذي جعل كافة أطياف المجتمع الإسلامي تجلُّه
وتحترمه وتحبه، وحتى من أتوا بعده من العلماء والعامة

.


عدل سابقا من قبل خديجة الروح في الأحد يوليو 29, 2012 12:43 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thakafabh.alafdal.net
خديجة الروح
Admin
Admin
خديجة الروح


رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 1249
تاريخ التسجيل : 12/10/2011
الموقع : https://thakafabh.alafdal.net/
العمل/الترفيه : محامية

الخليفة عمر بن عبد العزيز Empty
مُساهمةموضوع: خلافة عمر بن عبد العزيز   الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأحد يوليو 29, 2012 12:31 pm

توَّج سليمان بن عبد الملك أعماله الصالحة بتولية عمر بن عبد العزيز الخلافة من بعده ما توسمه فيه من الصلاح والتقوى والميل إلى العدل.والحق
أن عمر لم يكن راغبًا في الخلافة، فيُروى أن عمر بن عبد العزيز بعد أن فرغ
من دفن سليمان بن عبد الملك صعد المنبر، واجتمع الناس فقال:
"أيها الناس،
إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طِلْبةَ له، ولا
مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم.
فصاح الناس صيحة واحدة: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضينا بك، فتولَّ
أمرنا باليُمنِ والبركة. فلما رأى الأصوات قد هدأت، ورضي به الناس جميعًا،
حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال:" أوصيكم بتقوى الله؛ فإن تقوى الله خلف كل شيء، وليس من تقوى الله عز وجل
خلف، واعملوا لآخرتكم فإنه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر
دنياه... ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال: يا أيها الناس، من أطاع الله
وجبت طاعتُه، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت
الله فلا طاعة لي عليكم
".


عمر بن عبد العزيز الحرص على العمل بالكتاب والسنة

من أهم ما يميز منهج عمر في سياسته، حرصه على العمل بالكتاب والسنة، ونشر
العلم بين رعيته، وتفقيههم في الدين وتعريفهم بالسنة، ومنطلق عمر في ذلك
فهمه لمهمة الخلافة، فهي حفظ الدين وسياسة الدنيا به، فهو يرى أن من أهم
واجباته تعريف رعيته بمبادئ دينهم، وحملهم على العمل بها، فورد عنه أنه قال
في إحدى خطبه: "إن للإسلام حدودًا وشرائع وسننًا، فمن عمل بها استكمل
الإيمان، ومن لم يعمل بها لم يستكمل الإيمان، فلئن أعش أعلمكموها وأحملكم
عليها، وإن أَمِتْ فما أنا على صحبتكم بحريص". وقال أيضًا: "فلو كانت كل
بدعة يُميتُها الله على يديَّ، وكل سُنَّة ينعشها الله على يدي ببضعة من
لحمي حتى يأتي آخر ذلك على نفسي كان في الله يسيرًا". وفي موضع آخر قال:
"والله لولا أن أنعش سُنَّة أو أسير بحق، ما أحببت أن أعيش فواقًا".

لهذا
بادر عمر في تنفيذ هذه المسئولية المهمة، فبعث العلماء في تعليم الناس
وتثقيفهم إلى مختلف أقاليم الدولة، وفي حواضرها وبواديها وأمر عُمَّاله على
الأقاليم بحثِّ العلماء على نشر العلم، فقد جاء في كتابه الذي بعث به إلى
عماله: "ومُرْ أهل العلم والفقه من جندك فلينشروا ما علَّمهم الله من ذلك،
ليتحدثوا به في مجالسهم". ومما كتب به إلى بعض عماله: "أما بعد، فأمر أهل
العلم أن ينشروا العلم في مساجدهم، فإن السُّنَّة كانت قد أميتت". كما أمر
عماله أن يجروا الرواتب على العلماء، ليتفرغوا لنشر العلم، وانتدب العديد
من العلماء لتفقيه الناس في الدين، فبعث يزيد بن أبي مالك ليفقه بني نمير
ويُقْرِئهم، وبعث نافع مولى ابن عمر إلى أهل مصر ليعلمهم السنن، وكان قد
بعث عشرة من الفقهاء إلى إفريقية يفقهون أهلها.

ولم تنحصر مهمة هؤلاء
العلماء في التعليم فحسب، بل منهم من أسند إليه بعض الولايات، ومنهم من
تولى القضاء وأسهم أكثرهم -إضافةً إلى نشر العلم- في مجال الدعوة والجهاد
في سبيل الله، وهذا الاهتمام الذي تميز به منهج عمر لتعليم الناس، وتفقيههم
بأمور دينهم له أبعاد سياسية وآثار أمنية، ذلك أن نشر الوعي الديني الصحيح
والفقه بين أفراد الرعية له أثر في حماية عقول أبناء الأمة من عبث الأفكار
التي ينعكس خطرها على الاستقرار السياسي والأمني، كأفكار الخوارج وغيرهم.


عمر بن عبد العزيز وإقامة العدل لأهل سمرقند

عندما وصل خبر تولية عمر بن عبد العزيز الخلافة إلى سكان ما وراء النهر، اجتمع
أهل سمرقند، وقالوا لسليمان بن أبي السري: إن قتيبة غدر بنا، وظلمنا وأخذ
بلادنا، وقد أظهر الله العدل والإنصاف؛ فَأْذَن لنا فلْيَفِدْ منَّا وفد
إلى أمير المؤمنين، يشكو ظلامتنا، فإن كان لنا حق أُعطِينَاه، فإن بنا إلى
ذلك حاجة، فأذن لهم سليمان، فوجهوا منهم قومًا فقدموا على عمر، فكتب لهم
عمر إلى سليمان بن أبي السري: "إن أهل سمرقند قد شكوا إليَّ ظلمًا أصابهم،
وتحاملاً من قتيبة عليهم أخرجهم من أرضهم، فإذا أتاك كتابي، فأَجْلِسْ لهم
القاضي فلينظر في أمرهم، فإن قضى لهم فأخرجهم -يعني المسلمين الغزاة- إلى
معسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أن يظهر عليهم قتيبة".

الخليفة عمر بن عبد العزيز 11642_image003
فأجلس سليمانُ جُمَيعَ بن حاضر القاضي، فقضى أن يخرج عرب سمرقند إلى معسكرهم
وينابذوهم على سواء، فيكون صلحًا جديدًا أو ظفرًا عنوة، فقال أهل الصغد
-قوم يسكنون بعض بلاد ما وراء النهر-: بل نرضى بما كان، ولا نجدد حربًا.
وتراضوا بذلك، فقال أهل الرأي: قد خالطنا هؤلاء القوم وأقمنا معهم،
وأَمَّنُونا وأَمِنَّاهم، فإن حكم لنا عدنا إلى الحرب، ولا ندري لمن يكون
الظفر، وإن لم يكن لنا اجتلبنا عداوة في المنازعة. فتركوا الأمر على ما
كان، ورضوا ولم ينازعوا.

أية دولة في القرن الحادي والعشرين تحني
رأسها هكذا للعدل كي يأخذ مجراه، وللحق كي يعود إلى أصحابه؟ وأي حاكم في
تاريخ الشعوب استجاب هكذا لنداءات المظلومين الذين سُلِبَتْ حقوقهم، كهذه
الاستجابة السريعة الحاسمة من عمر بن عبد العزيز؟ إلا أنه المسئول الذي نذر
نفسه للدفاع عن قيم الحق والعدل في أقطار الأرض فبدونها تفقد شريعة الله
مقوماتها وأهدافها العليا، فهذا مثل رفيع من عدل عمر، وإننا لنلاحظ في هذه
الخبرة عدة أمور:

- إن الناس يقبلون على التظلم والشكوى والمطالبة
بالحقوق حينما يكون الحكام عادلين؛ لأنهم يعلمون أن دعواهم ستؤخذ مأخذ
الجد، وسسُنظر فيها بعدل، فهؤلاء المتظلمون قد سكتوا على ما هم فيه من
الشعور بالظلم طيلة ولاية الوليد وسليمان، فلما رأوا عدل عمر بن عبد العزيز
رفعوا قضيتهم.

- إن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز لم يمهل قضيتهم
وإنما أحالها إلى القضاء الشرعي، وهذا مثل من الخضوع للإسلام، والتجرد من
هوى النفس، وكان باستطاعته أن يفعل كثير من المسئولين، من إرسال خطابات
الوعيد والتهديد والبحث عن رءوس القوم وإجراء العقوبات المناسبة عليهم،
ولكنه قد نذر نفسه لرفع المظالم وإقرار العدالة، وذلك لا يكون إلا بحكم
الشرع والتحكم إليه.

- إن أولئك القوم قد أسقط في أيديهم لما اطلعوا
على كتاب أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، ورأى أهل الرأي منهم أنهم
خاسرون في كلتا الحالتين، سواء حُكِمَ لهم أو عليهم، وأن مصلحتهم في بقائهم
على ما هم عليه، وبهذا زال تظلمهم وشعروا بعدالة الحكم الإسلامي.


عمر بن عبد العزيز ومسئولية الخلافة
كان عمر بن عبد العزيز يدرك عظم الأمانة الملقاة على عاتقه، وأنه مسئول عن كل
فرد في رعيته، فلذلك نجده دائم التفكير فيما يصلحهم فقد أهمه وقوفه بين يدي
ربه، وماذا يقول له إذا سأله عنهم يوم القيامة، فيذكر ابن كثير:
أن زوجته فاطمة بنت عبد الملك دخلت يومًا عليه وهو جالس في مصلاه واضعًا
خده على يده، ودموعه تسيل على خديه، فقالت له: ما لك؟ فقال: ويحك يا فاطمة!
قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض
الضائع، والعاري المجهود، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، والمظلوم
المقهور، والغريب الأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير، والمال
القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فخشيت أن لا تثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي فبكيت.


عمر بن عبد العزيز والرفق بالرعية

كان عمر بن عبد العزيز يقول: إن أحب الأمور إلى الله القصد في الجد، والعفو في
المقدرة، والرفق في الولاية، وما رفق عبد بعبد في الدنيا إلا رفق الله به
يوم القيامة، فيُروى أنه خرج ابن له وهو صغير يلعب مع الغلمان فشجَّه صبي
منهم، فاحتملوا الصبي الذي شج ابنه وجاءوا به إلى عمر، فسمع الجلبة فخرج
إليهم، فإذا مُرَيْئَة تقول: إنه ابني وإنه يتيم. فقال لها عمر: هوِّني
عليك، ثم قل لها: أله عطاء في الديوان؟ فقالت: لا. فقال: اكتبوه في الذرية.
فقالت زوجته فاطمة: أتفعل هذا به وقد شج ابنك؟ فعل الله به وفعل، المرة
الأخرى يشج ابنك ثانية. فقال: ويحك! إنه يتيم وقد أفزعتموه.

هذه هي
أهم السمات العامة التي اتصف بها حكم الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز
-رحمه الله- الرفق والعدل، ونشر الشريعة الإسلامية بين الرعية قولاً
وعملاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thakafabh.alafdal.net
خديجة الروح
Admin
Admin
خديجة الروح


رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 1249
تاريخ التسجيل : 12/10/2011
الموقع : https://thakafabh.alafdal.net/
العمل/الترفيه : محامية

الخليفة عمر بن عبد العزيز Empty
مُساهمةموضوع: عمر بن عبد العزيز من شهداء وضحايا الرأى في التاريخ الإسلامي شهيد الإصلاح السياسي   الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأحد يوليو 29, 2012 12:51 pm


عمر بن عبد العزيز.. خلافة سنتين وخمسة أشهر فقط


والده هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم، وكان من أفضل من أنجبت العائلة
الأموية. بقى أميرا لمصر أكثر من عشرين سنة، وكان من تمام ورعه وصلاحه
أنه لما أراد الزواج قال لقيِّمه: اجمع لى أربعمئة دينار من طيب مالى،
فإنى أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح، فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر
بن الخطاب (رضى الله عنه) وهى حفيدة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقيل
اسمها ليلى، والمرجح أن مصاهرته آل الخطاب ما كانت لتتم لولا علمهم بحاله
وثقتهم بحسن سيرته وجميل أخلاقه.



أُحب أن أسميه (عمر الثانى) والذى أعتقد أن رحلته فى سبيل استعادة نمط
الخلافة الراشدة التى تلتزم مسالك الحق والعدل ووسائل المساواة
والديمقراطية الإسلامية كانت من أشق وأصعب ما يمكن.. وقد لا أبالغ إذا قلت
إن مهمته كانت أشد وأعقد من مهمة الخلفاء الراشدين الذين سبقوه.. فقد
جاء عمر الثانى فى ظروف تسلط فيها الملوك الأمويون على المسلمين وعصفوا
بنظام الشورى الذى كان متبعًا فى تولية من يحكم، وثبتوا فكرة ولاية العهد
وانفراد الحاكم بالسلطة والقرارات.




ورغم أن الطريقة التى جاء بها عمر بن عبد العزيز هى تلك الطريقة
المرفوضة والمستهجَنة، وهى فكرة ولاية العهد التى تجافى الأسلوب الأمثل فى
حرية اختيار الحاكم ومبايعته، فبعهد من سليمان بن عبد الملك تولى عمر
الخلافة (99 هجرية)، فإنه بمثاليته الرائعة التى كانت تستند إلى إيمان
خالص ويقين صادق، وبحُسن إدارته أمور الدولة والرعية، أصبح موضعا للاحترام
والتبجيل، وكانت كلمات عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة، أصدق وصف وأجمل تعبير
عن هذه الحقيقة حين قال: «أخذ عمر الخلافة بغير حقها، ثم استحقها
بالعدل»


وقد استهدف عمرو بن عبيد من وراء هذا التشخيص الدقيق أن لا يكون الرضا عن سياسة عمر سببا إلى الرضا بالطريقة التى استُخلِفَ بها.


وإذا كانت خلافة عمر قد استمرت سنتين وخمسة أشهر وبضعة أيام، فإن هذه
الفترة القصيرة قد سجلت إنجازات جليلة تقف دائما شاهدا ودليلا على القدرة
الخارقة للعدل حين يكون شعارا لحاكم نزيه يبدأ فى برنامجه الإصلاحى
بنفسه. فقد كان دخل عمر قبل الإمارة أربعين ألف دينار، فترك ذلك كله حتى
لم يبق له دخل سوى أربعمئة دينار فى كل سنة!



وبعد توليه الخلافة مباشرة، أمر عمر برد المظالم والقطائع والأموال
المغتصَبة من الأمة بغير الحق، والتى كان الخلفاء والأمراء الأمويون قد
حازوها منذ علا نجمهم فى خلافة عثمان بن عفان.. وتعاون مع الخليفة فى ذلك
غيلان الدمشقى قائد تيار «العدل والتوحيد» هذا التيار الذى يمثل السلف
الأول لتيار المعتزلة. فكان غيلان يقف لينادى على هذه الثروات لبيعها
ويدعو إليها الناس قائلا: «تعالوا إلى متاع الخونة.. تعالوا إلى متاع
الظلمة.. تعالوا إلى متاع من خلف الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى أمته
بغير سنته وسيرته».



ونجحت كلمات غيلان ذات الوقع الشديد على النفوس والآذان فى أن تجعل من
رد المظالم الأموية إلى بيت مال المسلمين عملاً سياسيًّا واجتماعيًّا
وثوريًّا من الدرجة الأولى، ولم يقف عمر عند حد استرداد الأموال من بنى
أمية وردها إلى بيت المال، بل خطا خطوة أخرى، إذ أعلن لأبناء الأمة أن كل
من له حق على أمير أو جماعة من بنى أمية أو لحقته منهم مظلمة، فليتقدم
بالبينة لكى يُرَدّ عليه حقه.. وتقدم عدد من الناس بظلامتهم وأدلتهم وراح
عمر يردها واحدة بعد الأخرى.. أراضٍ ومزارع وأموال وممتلكات، وقد حدث أن
بعث إليه واليه على البصرة برجل اغتُصبت أرضه فرد عمر هذه الأرض إليه ثم
قال له: كم أنفقت فى مجيئك إلىّ؟ قال: يا أمير المؤمنين تسألنى عن نفقتى
وأنت قد رددت علىّ أرضى وهى خير من مئة ألف؟ فأجابه عمر: إنما رددت عليك
حقك، ثم ما لبث أن أمر له بستين درهمًا كتعويض له عن نفقات سفره.. وكم
كان عمر عبقريًّا فى قراءته الواقع وفى تعامله مع الوقائع، فبإدراكه
الواعى لفساد الولاة قبله وظلمهم للناس حتى أصبحت المظالم كأنها أمر
طبيعى، فإنه لم يكلف المظلوم بتحقيق البينة القاطعة لإثبات حقه، وإنما
يكتفى باليسير من الأدلة، فإذا عرف أن للمدعى حقًّا رده إليه دون أن يكلفه
تحقيق البينة، فقد روى ابن عبد الحكم: أنه كان يرد المظالم إلى أهلها
بغير البينة القاطعة، وكان يكتفى باليسير، إذ عرف وجه مظلمة الرجل ردها
عليه، ولم يكلفه تحقيق البينة، لما يعرف من غشم الولاة قبله على الناس.



ومما يذكره التاريخ لعمر بن عبد العزيز إنصافه العاجل للموالى الذين
تعرضوا قبل خلافته للظلم والعسف، فقد فُرضت الجزية على من أسلم منهم! كما
مُنعوا من الهجرة مثلما حدث للموالى فى العراق ومصر وخراسان، وفى عهد عبد
الملك أوقع الحجاج بالموالى ظلمًا عظيمًا، فقد عمل على إبقاء الجزية على
من أسلم منهم، وحرمهم من الهجرة من قراهم، وهذا ما دفعهم إلى الاشتراك
فى ثورة ابن الأشعث ضد الحجاج، كما وقع الظلم على الموالى فى مصر
وخراسان، فلما تولى عمر بن عبد العزيز أزال تلك المظالم التى لحقت بهؤلاء
الموالى وكتب إلى عماله يقول: «.. فمن أسلم من نصرانى أو يهودى أو مجوسى
من أهل الجزيرة اليوم فخالط المسلمين فى دارهم، وفارق داره التى كان بها
فإن له ما للمسلمين وعليه ما عليهم...».



وكتب إلى عامله على مصر حيان بن شريح يقول: «وإن تضع الجزية عمن أسلم
من أهل الذمة فإن الله تبارك وتعالى قال: ((فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا
الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ)) (التوبة، الآية: 5) وقال: ((قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا
حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ
وَهُمْ صَاغِرُونَ)) (التوبة، الآية: 29). إلا أن هذا العامل أرسل إلى عمر
يقول: أما بعد، فإن الإسلام قد أضر بالجزية حتى سلفت من الحارث بن نابتة
عشرون ألف دينار أتممتها عطاء أهل الديوان، فإن رأى أمير المؤمنين أن
يأمر بقضائها فعل. وجاء رد عمر: أما بعد، فقد بلغنى كتابك وقد وليتك جند
مصر وأنا عارف بضعفك، وقد أمرت رسولى بضربك على رأسك عشرين سوطا، فضع
الجزية عمن أسلم. قبَّح الله رأيك فإن الله إنما بعث محمدا صلى الله عليه
وسلم هاديًا ولم يبعثه جابيًا».




كما كتب إليه عامله على البصرة عدىّ بن أرطأة يقول: أما بعد، فإن الناس
كثروا فى الإسلام وخِفت أن يقلّ الخَراج. فكتب إليه عمر: فهمت كتابك،
والله لوددت أن الناس كلهم أسلموا حتى نكون أنا وأنت حراثين نأكل من كسب
أيدينا. هذا إلى جانب إبطاله لقرار المنع من الهجرة التى أوقعها الحجاج
بالموالى فى العراق..


وكان من عادة بنى أمية أن يسبّوا عليًّا من على المنبر فى خطبة الجمعة،
فأبطل عمر ذلك وقرأ مكانه: «إن الله يأمرُ بالعدل والإحسان وإيتاء ذى
القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون».. واستمرت
قراءتها منذ ذلك الحين.




واشتهر عن عمر بن عبد العزيز أنه كان وهو خليفة يسأل دائما عن الناس
ويتفقد أحوالهم بنفسه، فيقول له خادمه وهو يسحب البرذون ليركبه: «كل الناس
فى راحة يا أمير المؤمنين إلا أنت وأنا وهذا البرذون»


وعُرف عنه أيضا أنه كان يتسلم البريد من كل الناس مهما دنت مقاماتهم أو
علت ويجيبهم وينصفهم أو يجيبهم ويكتب إلى ولاة بلادهم للنظر فى أمورهم.




وهناك إجماع من كل المؤرخين الذين أرّخوا لسيرة عمر بن عبد العزيز أنه
كان زاهدا للملك، فلم يقرب ما تركه الخليفة السابق وما هو عُرف له من
ممتلكات عند استخلافه، فرفض الدواب والجوارى والثياب وأعاد كل ذلك إلى بيت
المال. وكان أولاده من أقل أولاد الناس مالًا فقيل له: هؤلاء بنوك
-وكانوا اثنى عشر- ألا توصى لهم بشىء فإنهم فقراء؟


فقال: «إن وليى الله الذى نزَّل الكتاب وهو يتولى الصالحين».


والله لا أعطيهم حق أحدٍ.. وهم بين رجلين إما صالح فالله يتولى
الصالحين، وإما غير صالح فما كنت لأعينه على فِسقه فأكون شريكا فى ما يعمل
بعد الموت.




باختصار شديد كان عمر -وهو الخليفة المقدر لمعنى المسؤولية- مستهينًا
بفكرة «حب السلطة» أو بمعنى أدق لم يكن محتاجا إليها. وفى كثير من الأحيان
يكون من لا يحتاج إلى السلطة هو بالتحديد ذلك الشخص الذى تحتاج السلطة
إليه.


ولكن لأن الحق كثيرا ما يكون مُرًّا، فلم يصبر على عدل عمر وحكمه
الكائدون والمتآمرون فسقوه السم ليتخلصوا منه. سقاه بنو أمية بعد أن وجدوه
يتنكر لهم ويحرمهم من كل الاستثناءات والامتيازات، ويرد أموالهم إلى بيت
المال بالقسطاس والعدل فمات وهو ابن تسع وثلاثين سنة ونصف، على أرجح
الروايات.



وكانت آخر كلماته «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلُوَّا فى الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين
بقلم / حاتم صادق
».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://thakafabh.alafdal.net
 
الخليفة عمر بن عبد العزيز
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحبك يارسول الله.. عبد العزيز جويدة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ثقافة بلا حدود :: المنتدى العام :: لمسة وفاء-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» تشرفت بكم
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 01, 2014 6:55 am من طرف amin Sy

» مقتطفات من كتاب الأسرار السبعة للزواج السعيد
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالإثنين يونيو 23, 2014 8:34 pm من طرف خديجة الروح

» على الجانب الآخر ...بقلمي
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 03, 2014 3:29 pm من طرف خديجة الروح

» خواطر فكرية .... بقلمي /
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 03, 2014 3:26 pm من طرف خديجة الروح

» التعصب وعلاجه....بقلمي
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 03, 2014 3:16 pm من طرف خديجة الروح

» من أقوال الشيخ محمد الغزالي
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالجمعة مايو 23, 2014 10:10 pm من طرف خديجة الروح

» حالنا ما أقساه ... !
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالجمعة مايو 23, 2014 9:58 pm من طرف خديجة الروح

» عن تهميش مادة التربية الإسلامية
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 06, 2014 6:03 pm من طرف خديجة الروح

» لا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ و لِسَانُهُ
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالخميس أبريل 24, 2014 12:05 am من طرف خديجة الروح

» أثر القرآن على القدرة العقلية
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 23, 2014 11:58 pm من طرف خديجة الروح

» سجود التلاوة
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 23, 2014 11:52 pm من طرف خديجة الروح

» فضل مكة على سائر البقاع
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 23, 2014 11:47 pm من طرف خديجة الروح

» من أقوال "على بن أبى طالب" رضي الله عنه
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 23, 2014 11:29 pm من طرف خديجة الروح

» أروع ما قاله "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 23, 2014 11:26 pm من طرف خديجة الروح

» الخداع قاتل لصاحبه.....بقلمي /
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالسبت أبريل 19, 2014 10:52 pm من طرف خديجة الروح

» من أقوال د/ إبراهيم الفقي
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالجمعة فبراير 07, 2014 5:00 pm من طرف خديجة الروح

» في حضرتك
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 04, 2014 4:05 pm من طرف خديجة الروح

» مقتبسات من كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ..لابن القيم الجوزية
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 04, 2014 3:35 pm من طرف خديجة الروح

» التوبة مفتاح الفرج
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالخميس يناير 30, 2014 9:02 pm من طرف خديجة الروح

» برغم كل السدود...بقلمي/
الخليفة عمر بن عبد العزيز I_icon_minitimeالإثنين يناير 27, 2014 10:26 pm من طرف خديجة الروح